.النور لا يُغادر المدينة
النور حاضر في بيوت العائلات
السعيدة ،
في جو ممتع،
عصافير تملأ البيت
بتغريدها و ورود تُبهج من تعطّر بعطرها و رافق صباحها، قطرات الندى تُلامس
الأوراق كالبلور،تُعطيها بريقا و تزيدها جمالا...رائحة أشجار الليمون تملأ
القلب و العيون سعادة .
الحوش الصغير كان جنّة،لا مملا
من الركض فيه و مداعبة النباتات و سقيها ،هناك دائما أيدي حنونة تعتني
بها،أعشق فصل الربيع و لا أتأثر بالفصول الأخرى،لا قساوة الشتاء و لا حرارة
الصيف....السماء تعطف على الأرض و تُلبسها ثوب الجمال،النور موجود و
الألوان ثابتة ،واضحة لا تتأثّر بتغيّر الطقس،ومهما مرّت الفصول عليها
هناك من يحميها لتنبت من جديد.
النبات يتأقلم مع محيطه
حتى يعيش عمره المقدّر له مثل طفل صغير،يكتمل نموه تدريجيا فيدرك الجمال
الحقيقي للأشياء ولو كانت بسيطة ثم يمتطي صهوة الحياة المعقّدة التي مهما
أرهقته يتغلّب عليها و يستمر في ملاحقة النور و الإنبهار بكل ما هو جميل و
مُلفت للنظر.
أحيانا الأشياء البسيطة تُسعدنا أكثر ،
تحتوينا بالحب و تُعطينا سببا للعيش بسلام .لا شيء أروع من القناعة بما
أعطاك الله .النبات أيضا ينبت بإستقامة،يبحث عن النور الدائم و يُسبّح لله
صباح مساء،رحمة الله واسعة و نوره دائم على المخلوقات.
لما
نحن تائهون في هذه الحياة؟؟،نبحث عن الأشياء الماديّة أكثر ،نتلهّف عن
الجديد المبهر ،لا نرى الأشياء كما يراها البسطاء ،أصبح التجديد هاجسنا دون
شبع،
كيف يكون للجديد و المستقبل وقع على قلوبنا و حياتنا و ننسى القديم الذي وهبنا الأمان و السلام.
كم أنت قاس أيها الإنسان...! حتى على نفسك ،أطماعك ليس لها حدود..!!!
أنت مثل بحر هائج أغرق سفنه التي أعطاها الأمان ثم رماها حطاما على اليابسة،
فلتُبحر
سفننا تاركين أمتعتنا البالية على شواطئ أوطاننا و نقتني بعض
الملح،لعلّنا نرجع يوما إلى رشدنا و ماضينا الجميل دون خدش،نحن أبناء
الماضي و الحاضر،المستقبل بالنسبة لنا عالم غريب نستعد لإكتشافه بكل
الطرق،جوا،بحرا و مشيا على الأقدار...
فلنسافر لنبحث عن المجهول الغريب بعدما تركنا الصديق و هجرناه دون وداع.
أيّها النور الخفيّ لا تخفي وجهك عني ،بات الظلام يحرس أشرعتي المتمزقة،فلا البحر رحمني و لا سفني أبصرت مينائها...
كن
وفيا لقلب أثلجته الأحلام وصار كضبي بين الذئاب اللئام،حتى الأمواج تصفعنا
لنعود إلى رشدنا،لا ندرك إشاراتها حتى بعد فوات الأوان...متى يُخبرنا
النور أن نكفّ عن ملاحقته لأن الضباب كثيف و الطريق سراب .
أحيانا نحن نتغابى في حق أنفسنا،نبحث عن وهم وهمّ ...
الأرض
تستمد نورها من السماء،فكيف البحث عنه في الطرقات و البحار و الشعاب
الوعرة،كل شيء واضح وضوح الشمس،لما أنت غافل و ساذج أيها المشتّت في دهاليز
الدنيا...ما أصابك من ظلام في قلبك سحر الدنيا الذي أعمى بصيرتك،العيون
مصدر الإنبهار و الرؤية المزيّفة التي تُغري القلب ليقع في فخ المجهول.
القافلة تسير نحو الأمام و مرشدها غريب عن الديار،هكذا نحن نثق في من لا ثقة فيه.
رحلة التحدي
الشاعرة روان نرجس
labada-website
صحة ثقافة-فـن- نجوم -جمال -خواطر-شعر